جبل حفيت فى الامارات. مياه كبريتية تبوح بأسرار الطبيعة

جبل حفيت فى الامارات. مياه كبريتية تبوح بأسرار الطبيعة

الصعود إلى القمة محفوف بأسرار الطبيعة، تلك هي الرسالة التي يؤكدها المشهد في جبل حفيت لصاعديه، فالقمة الأعلى في أبوظبي تبوح للساعين إليها، بالعديد من أسرار الطبيعة، وخصوصية المكان، الذي يرتفع 1240 متراً فوق سطح البحر.

الجبل الذي لا يعلوه ارتفاع بين نظرائه في الإمارات سوى جبل جيس، تأخذ تضاريسه شكلاً مميزاً في الجنوب الشرقي لمدينة العين على هيئة رجل مستلقٍ على ظهره، حيث يتطلب الوصول إلى قمته سلوك طريق التفافي بطول 14 كيلومتراً، لا تغيب عنه زهرة الأوركيد النادرة، عبر نحو 400 نبتة، تم تصنيفها ضمن قائمة النباتات المهددة بالانقراض في شبه الجزيرة العربية، فضلاً عن حيوان الوشق العربي والثعلب الملكي، وغيرهما من كائنات الحياة البرية.


وتقع في حفيت مدافن أثرية ذات قيمة تاريخية مهمة، تعود إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد، كما يمكن للزائر أن يجد مخلفات حجرية لكائنات بحرية وآثاراً تعود إلى أكثر من (100) مليون سنة حينما كان الجبل لا يزال تحت سطح البحر.

* مقتنيات أثرية

خلف الإنسان آثاراً بالمنطقة تعود إلى ما قبل خمسة آلاف سنة، يعود جانب منها إلى العصر الملقب بالبرونزي، وهو ما يؤشر إليه وجود نحو 500 مدفن موزعة في أماكن متفرقة من الجبل.

رغم ذلك، فالمكتشفات الأثرية التي تم العثور عليها أثناء التنقيب في هذه المدافن قليلة، بسبب أعمال النهب والتخريب التي أصابتها عبر العصور، ومنها أوانٍ فخارية صغيرة تعود إلى حضارة بلاد الرافدين مزينة برسومات هندسية أو نباتية من النوع الذي يرجع إلى نهاية الألف الرابع قبل الميلاد.

ويشير اكتشاف مقتنيات عراقية بهذه المدافن إلى العلاقات التجارية بين أبناء الخليج العربي، في الألف الخامس قبل الميلاد .

وكشفت هذه المدافن أيضاً عن بعض المواد المصنوعة من النحاس أو الحجر الصابوني، ما يشير إلى إعادة استعمال هذه المدافن في فترة لاحقة، خصوصاً في العصر الحديدي، وهي الظاهرة التي كانت شائعة في كل من الإمارات وعمان، ما يتعذر معه تقدير عمر بقايا الهياكل العظمية المكتشفة فيها.

وحول تكون منطقة جبل حفيت، يقول الدكتور عثمان عبدالغني الأستاذ المشارك بقسم الجيولوجيا في جامعة الإمارات إنه منذ أكثر من 50 مليون سنة كانت منطقة الخليج العربي مغطاة ببحر عميق وواسع هو بحر «التيتس»، وبدأت صخور جبل حفيت فى التكون منذ مايقرب من 5 ملايين سنة.

ويستطرد أن معظم الصخور التى يتكون منها جبل حفيت جيرية وتحل محلها صخور طينية فى بعض المناطق، قبل أن ينحسر البحر وتنكشف طبقات الأرض في منطقة جبل حفيت فى صورة انثناءات وفواصل وفوالق مكونة الصورة الجميلة والنادرة لهذا الجبل الضخم ذي التضاريس والطبيعة الجاذبة.

* سياحة استشفائية

وعن مصدر المياه الكبريتية المعروف بها جبل حفيت ومبزرة الخضراء وسر حرارتها المرتفعة التي يقصدها البعض للاستشفاء، يؤكد الدكتور أحمد مراد عميد كلية العلوم بجامعة الإمارات أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على الجبال تسربت إلى داخل طبقات الأرض مكونة خزانات مائية هائلة بباطنها، قبل أن تخرج مياهها مرة أخرى إلى الأعلى لتصل إلى السطح من خلال الشقوق والفواصل الموجودة في طبقات الخزان الجوفي. ويضيف: «يرجع سبب ارتفاع درجة حرارة هذه المياه التي تتراوح ما بين 36.5 إلى 51.4 درجة مئوية إلى أن الجزء السفلي من جبل حفيت يحتوي على رواسب عضوية سوداء بين الشقوق والسطوح الفاصلة بين الطبقات تضم عناصر معدنية تنتج غاز «الرادون» الذي يتحرك عبر الرواسب المنفذة والصخور المتشققة، حتى يصل إلى الماء الموجود بين هذه الرواسب».

* سر المياه الساخنة

يرجع عميد كلية العلوم بجامعة الإمارات الدكتور أحمد مراد سر المياه الجوفية التي تفيض ساخنة بجبل حفيت إلى احتواء الجزء السفلي منه على رواسب عضوية سوداء بين الشقوق والسطوح الفاصلة بين الطبقات تضم عناصر معدنية تنتج غاز «الرادون» الذي يصل