“القوة البشرية هي رأس المال الحقيقي للتنمية”

“القوة البشرية هي رأس المال الحقيقي للتنمية”

عبر محطات الزمن يذهب البعض في دول عدة إلى وصم القوة البشرية في بلدانهم بأنها عبء يثقل كاهل التنمية، ويلقون باللوم على الكثافة السكانية باعتبارها السبب الرئيسي في تآكل الاقتصاديات وتراجع معدلات النمو. هذه النظرة السطحية لا تعكس سوى قصور في الرؤية وغياب في التخطيط، إذ أن الحقائق الاقتصادية والتجارب التنموية الناجحة عبر التاريخ تثبت العكس تمامًا البشر ليسوا عبئًا، بل هم الثروة الحقيقية التي لا تنضب.

فالقوة البشرية إذا ما أُحسن استثمارها، تتحول إلى محرك رئيسي للتنمية الشاملة. الدول المتقدمة لم تبلغ ما بلغته من رفاهية بسبب وفرة الموارد الطبيعية فقط، بل بفضل استثمارها في الإنسان: التعليم، التدريب، الرعاية الصحية، وتأهيل الكوادر للعمل والإبداع والابتكار. اليابان مثلًا، وهي دولة محدودة الموارد الطبيعية، تحولت إلى قوة اقتصادية كبرى اعتمادًا على رأسمالها البشري. وكذلك سنغافورة وكوريا الجنوبية، حيث كان الاستثمار في البشر هو المفتاح للنهوض الاقتصادي المرئي والملحوظ منصات التواصل الاجتماعي وقيمها الاقتصادية هي افكار لبشر وغيرها كعلي بابا واوبر وغيرها الكثير

ان الخطأ الجسيم يكمن في النظر إلى السكان من زاوية الاستهلاك فقط، بينما الحقيقة أن كل فرد يمكن أن يكون منتجًا وفاعلًا ومساهمًا في الاقتصاد، إذا ما أُتيح له التعليم الجيد والفرص المناسبة.
ان تحويل القوة البشرية من “عبء” إلى “فرصة” يحتاج إلى سياسات حكيمة تعزز من قدرات المواطنين وتفتح أمامهم مجالات العمل والإبداع.
إن الاقتصادات التي تنهض على سواعد أبنائها لا تعرف الانهيار، لأن الاستثمار في البشر هو الاستثمار الأكثر استدامة والأكثر عائدًا على المدى الطويل. الموارد الطبيعية قد تنفد، لكن العقول المبدعة والطاقات الشابة لا تنضب ما دامت هناك إدارة رشيدة.
وبالتالي، فإن تحميل البشر مسؤولية فشل التنمية ليس سوى محاولة للهروب من جوهر المشكلة كغياب الإدارة الرشيدة، وضعف التخطيط، وتفشي الفساد. التنمية لا يحققها الحجر ولا النفط ولا الأرض بقدر ما يحققها الإنسان إذا ما مُكّن من العمل والإبداع