بلدي... كلمة بين الأصالة والتجريح!
 
كتب دكتور/ عبدالعاطي المناعي
كلمة “بلدي” من أكثر الكلمات التي نستخدمها في حياتنا اليومية، لكنها تحمل وجهين متناقضين حدّ التناقض ذاته. فنحن نقول عن شخص “شكله بلدي”، “بيتصرف تصرفات بلدي”، “أسلوبه بلدي” بمعنى أنه غير راقٍ أو غير متحضر، بينما نقول في مواضع أخرى “سمن بلدي”، “بيض بلدي”، “جبنة بلدي” لنعني بها الأصالة، النقاء، والجودة العالية! فكيف أصبحت الكلمة نفسها تُمدح في موضع وتُذم في آخر؟
الحقيقة أن أصل كلمة “بلدي” يرتبط بالانتماء إلى الأرض والجذور، وهي تعني “الأصيل” أو “الطبيعي غير المزوَّر”. لكن مع مرور الزمن وظهور أنماط جديدة من المعيشة والموضة والتقليد الأعمى للاخرين،
بدأ الناس ينظرون لكل ما هو بسيط أو طبيعي على أنه “تخلّف”، فصارت كلمة “بلدي” تُقال بازدراء، وكأن الأصالة عيب، والبساطة نقص!
إن من المؤسف أن يتحوّل المعنى الجميل إلى وصمة، وأن يُنظر إلى من يحافظ على تقاليده بعيون الاستعلاء. فاللبس “البلدي” هو ما يعبّر عن هوية صاحبه، والسلوك “البلدي” هو غالبًا تصرف تلقائي نابع من الفطرة والحياء والكرم. بينما “الموضة” التي تُفرض علينا كثيرًا ما تُفقدنا هويتنا وتجعلنا نسخًا متكررة لا تشبه أوطاننا.
فلنُعِد إلى كلمة “بلدي” معناها الحقيقي الجميل، ولنجعلها عنوان فخر لا سخرية. فأن تكون “بلديًا” يعني أن تكون أصيلًا، نقيًّا، ابن أرضك، ابن تربتك، لا متصنعًا ولا مقلّدًا. دعونا نرفع رؤوسنا ونقول بثقة: “نحن نعشق البلدي... وأصالتنا تاج على رؤوسنا.”
 
 
 
 
 
 
.jpg) 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
.jpg) 
.jpg) 
