الصحة النفسية لكبار السن

الصحة النفسية لكبار السن

 

حقائق رئيسية

  • بحلول عام 2030، سيكون سدس سكان العالم قد بلغوا 60 عاماً أو أكثر من العمر.
  • يُعد الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية من عوامل الخطر الرئيسية لحالات الصحة النفسية في المراحل العمرية المتقدمة.
  • يتعرّض واحد من كل ستة مسنين لإساءة المعاملة، ويكون ذلك في كثير من الأحيان على أيدي مقدمي الرعاية.
  • يتعايش نحو 14٪ من البالغين 60 عاماً أو أكثر من العمر مع الاضطرابات النفسية.
  • تمثل الاضطرابات النفسية بين كبار السن 10,6٪ من مجموع سنوات التعايش مع الإعاقة لهذه الفئة العمرية.

لمحة عامة

يتحوّل سكان العالم إلى الشيخوخة بسرعة. ففي عام 2020، كان هناك مليار شخص في العالم يبلغ 60 عاماً أو أكثر من العمر. وسيزيد هذا الرقم ليصل إلى 1,4 مليار بحلول عام 2030، ويمثل ذلك واحداً من كل ستة أشخاص في العالم. وبحلول عام 2050، سيتضاعف عدد الأشخاص البالغين 60 عاماً أو أكثر من العمر ليصل إلى 2,1 مليار شخص. ويُوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص البالغين 80 عاماً أو أكثر من العمر ثلاثة أضعاف بين عامي 2020 و2050 ليصل إلى 426 مليون نسمة (1).

ويسهم كبار السن في المجتمع بوصفهم من أفراد الأسرة والمجتمع المحلي، ويُعد الكثيرون منهم من بين المتطوعين والعمال. وفي حين أن معظمهم يتمتع بالصحة الجيدة، فإن العديد منهم يتعرّض لمخاطر الإصابة بحالات الصحة النفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق. وقد يعاني العديد منهم أيضاً من تراجع القدرة على الحركة أو الألم المزمن أو الضعف أو الخرف أو غير ذلك من المشكلات الصحية التي تجعلهم في حاجة إلى شكل ما من أشكال الرعاية الطويلة الأجل. ومع تقدم الأشخاص في السن، تزداد احتمالات تعرّضهم لمشكلات صحية متعددة في آن واحد.

معدل الانتشار

يتعايش نحو 14٪ من البالغين 60 عاماً أو أكثر من العمر مع الاضطرابات (2) النفسية. وتمثل هذه الحالات وفقاً للتقديرات الصحية العالمية لعام 2019، 10,6٪ من إجمالي حالات الإعاقة (بمقياس سنوات العمر المصحّحة باحتساب مدد الإعاقة) بين كبار السن. ويُعد الاكتئاب والقلق من حالات الصحة النفسية الأوسع انتشاراً بين كبار السن. وتبيّن التقديرات الصحية العالمية لعام 2019 أن ربع الوفيات الناجمة عن الانتحار في العالم تقريباً (27,2%) تحدث بين الأشخاص البالغين 60 عاماً أو أكثر من العمر.

وفي كثير من الحالات لا تكون حالات الصحة النفيسة لدى كبار السن معروفة ولا يوفّر لها العلاج الكافي، وقد يؤدي الوصم المرتبط بهذه الحالات إلى إحجام الأشخاص عن التماس المساعدة.

عوامل الخطر

في مراحل العمر المتقدمة، لا تتشكّل الصحة النفسية بفعل البيئة المادية والاجتماعية فحسب، بل وبفعل أثر الخبرات المتراكمة للحياة الماضية والضغوط المتعلقة بالشيخوخة تحديداً. وقدّ يؤدي التعرّض للشدائد والتراجع الكبير في القدرات الأساسية وفي القدرات الوظيفية إلى الضائقة النفسية.

وتزداد احتمالات تعرّض كبار السن للأحداث الضائرة مثل فقدان ذويهم أو انخفاض دخولهم أو شعورهم بالافتقار إلى هدف في الحياة بعد التقاعد. وعلى الرغم من إسهامهم الكبير في المجتمع، فإن العديد من كبار السن يتعرّضون للتمييز على أساس السن، ما قد يؤثر تأثيراً خطيراً على الصحة النفسية للأشخاص.

وتُعد العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة، اللذان يؤثران على ربع كبار السن تقريباً، من عوامل الخطر الرئيسية لحالات الصحة النفسية التي تصيبهم في مراحل الحياة المتقدمة (3)، وكذلك إساءة معاملة كبار السن التي تشمل أي نوع من الإساءة البدنية أو اللفظية أو النفسية أو الجنسية أو المالية، فضلاً عن الإهمال. ويتعرّض واحد من كل ستة مسنين لسوء المعاملة، ويكون ذلك في كثير من الأحيان على أيدي مقدمي الرعاية (4). ويؤدي سوء معاملة كبار السن إلى عواقب وخيمة وقد يؤدي إلى الاكتئاب والقلق.

ويتولى الكثير من كبار السن رعاية أزواجهم الذين يعانون من حالات صحية مزمنة، مثل الخرف. وقد تتجاوز المسؤوليات المرتبطة بهذه الرعاية قدرات مقدم الرعاية وتؤثر على صحته النفسية.

ويتعرّض بعض كبار السن إلى مخاطر الإصابة بالاكتئاب والقلق نتيجة لقسوة الظروف المعيشية، أو ضعف الصحة البدنية، أو عدم إمكانية الحصول على الدعم والخدمات الجيدة. ويشمل ذلك كبار السن الذين يعيشون في ظل الأزمات الإنسانية وأولئك الذين يتعايشون مع الأمراض المزمنة (مثل أمراض القلب أو السرطان أو السكتة الدماغية) أو الحالات العصبية (مثل الخرف) أو المشكلات الناجمة عن تعاطي المخدرات.

تعزيز الصحة والوقاية

تركز استراتيجيات تعزيز الصحة النفسية والوقاية لكبار السن على دعم التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة. ويعني ذلك تهيئة البيئات المادية والاجتماعية التي تدعم الرفاه وتمكن الأشخاص من القيام بالمهام التي يرون أهميتها، على الرغم من تراجع قدراتهم.

وتشمل الاستراتيجيات الرئيسية لتعزيز الصحة النفسية والوقاية من أجل التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة، ما يلي:

  • تدابير الحد من انعدام الأمن المالي وعدم المساواة في الدخل؛
  • البرامج المعنية بضمان تهيئة المساكن والمباني العامة ووسائل النقل المأمونة والتي يسهل الوصول إليها؛
  • الدعم الاجتماعي لكبار السن وللقائمين على رعايتهم؛
  • دعم السلوكيات الصحية، ولاسيما اتباع النظام الغذائي المتوازن، وممارسة النشاط البدني، والامتناع عن تعاطي التبغ، والحد من تعاطي الكحول؛
  • البرامج الصحية والاجتماعية التي تستهدف الفئات الضعيفة مثل أولئك الذين يعيشون بمفردهم أو في المناطق النائية وأولئك الذين يعانون من الحالات الصحية المزمنة.

ويكتسي التواصل الاجتماعي أهمية خاصة لكبار السن، من أجل الحد من عوامل الخطر من قبيل العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة. وفي هذه المرحلة من الحياة، يمكن للأنشطة الاجتماعية الهادفة أن تحسّن الصحة النفسية الإيجابية والشعور بالرضا ونوعية الحياة بدرجة كبيرة؛ كما يمكنها أن تحد من أعراض الاكتئاب. وتشمل الأمثلة على التدخلات المبادرات الخاصة بإقامة علاقات الصداقة، ومجموعات المجتمع المحلي ومجموعات الدعم، والتدريب على المهارات الاجتماعية، ومجموعات الفنون الإبداعية، وخدمات الترفيه والتوعية، وبرامج التطوّع.

كما تُعد الحماية من التمييز على أساس السن وإساءة المعاملة أمراً بالغ الأهمية. وتشمل التدخلات الرئيسية السياسات والقوانين بشأن مكافحة التمييز، والتدخلات الخاصة بالتوعية، والأنشطة المشتركة بين الأجيال المختلفة. ويمكن لمجموعة من التدخلات الخاصة بمقدمي الرعاية - بما في ذلك الرعاية المؤقتة والمشورة والتوعية والدعم المالي والتدخلات النفسية - أن تدعم مقدمي الرعاية في الحفاظ على علاقة جيدة وصحية بمتلقي الرعاية لا محل فيها لإساءة المعاملة.

العلاج والرعاية

يكتسي التعرّف السريع على حالات الصحة النفسية وعلاجها (وما يرتبط بها من حالات عصبية وحالات تعاطي المخدرات) لدى كبار السن أهمية أساسية. وينبغي أن تُتّبع في ذلك معايير الرعاية المتكاملة للمسنين، التي تستند إلى المجتمع المحلي وتركز على الرعاية الطويلة الأجل لكبار السن المصابين بحالات الصحة النفسية وتراجع القدرات الأساسية، وعلى توعية مقدمي الرعاية وتدريبهم ودعمهم، سواءً بسواء. وعادة ما يوصى بمزيج من التدخلات الخاصة بالصحة النفسية وسائر أشكال الدعم من أجل تلبية الاحتياجات الصحية والشخصية والاجتماعية للأفراد.

وكثيراً ما يشكّل الخرف مصدراً مهماً للقلق، إذ إنه يؤثر على الصحة النفسية للأشخاص (بالتسبب في أعراض الذهان والاكتئاب مثلاً)، ويتطلب الحصول على الرعاية الصحية النفسية الجيدة.

كما يكتسي التصدي لإساءة معاملة كبار السن أهمية حاسمة. وتشمل التدخلات الواعدة الإبلاغ الإلزامي عن إساءة المعاملة، ومجموعات المساعدة الذاتية، وخطوط المساعدة الهاتفية ومآوِ الطوارئ، والبرامج النفسية للمعتدين، وتدريب مقدمي الرعاية الصحية، وغير ذلك من التدخلات الخاصة بدعم مقدمي الرعاية.

استجابة المنظمة

تعمل منظمة الصحة العالمية مع مختلف الشركاء على وضع استراتيجيات وبرامج وأدوات لدعم الحكومات في الاستجابة لاحتياجات الصحة النفسية لكبار السن.

فيُعد عقد التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة (2021-2030) على سبيل المثال، تعاوناً عالمياً تقوده المنظمة من أجل تحسين حياة كبار السن وأسرهم والمجتمعات التي يعيشون فيها.

كما أقرّت الدول الأعضاء في المنظمة خطة العمل الشاملة للصحة النفسية 2013-2030، التي تدعم تحسين الصحة النفسية والرعاية الصحية النفسية لجميع السكان، بما في ذلك كبار السن.

ويوفّر برنامج عمل المنظمة لرأب الفجوة في الصحة النفسية بروتوكولات سريرية مسنّدة بالبيّنات لتقييم مجموعة من الحالات النفسية والعصبية وتعاطي مواد الإدمان ذات الأولوية، بما في ذلك الاكتئاب والخرف، وإدارتها ومتابعتها في البيئات غير المتخصّصة. ويتضمن دليل التدخلات لبرنامج عمل المنظمة لرأب الفجوة في الصحة النفسية نصائح سريرية للعمل مع كبار السن.

وأثناء جائحة كوفيد-19، أعدت المنظمة وشركاؤها في اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات مجموعة أدوات "التعايش مع الأوقات العصيبة" التي تتضمن ملصقات مصوّرة لمساعدة كبار السن على الحفاظ على موفور الصحة النفسية والرفاه النفسي. وتشمل أنشطة المنظمة الأخرى الرامية إلى دعم الصحة النفسية لكبار السن وضع تدخلات نفسية قابلة للتوسيع لمعالجة الاكتئاب والقلق، وإجراء البحوث ووضع الإرشادات بشأن التدخلات الرامية إلى الحد من العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة، والحلول الفعّالة من حيث التكلفة لمنع إساءة معاملة كبار السن.


المراجع

  1. World Population Prospect 2022: release note about major differences in total population estimates for mid-2021 between 2019 and 2022 revisions. New York: United Nations Department of Economic and Social Affairs, Population Division; 2022
  2. Institute of Health Metrics and Evaluation. Global Health Data Exchange (GHDx)
  3. Hong Teo R, Hui Cheng W, Jie Cheng L, Lau Y, Tiang Lau S. Global prevalence of social isolation among community-dwelling older adults: a systematic review and meta-analysis. Arch Gerontol Geriatr. 2023 Apr;107:104904
  4. Yon YY, Mikton CR, Gassoumis ZD, Wilber KH. Elder abuse prevalence in community settings: a systematic review and meta-analysis. Lancet Glob Health. 2017;5(2):e147–e156