ليلة الدخلة الليلة التي يرتجف فيها القلب قبل الجسد
 
دكتور عبدالعاطي المناعي
استشاري المسالك والذكورة
في حياة كل إنسان لحظات تُرسم في الذاكرة بحروفٍ من لهفةٍ وخوفٍ ودهشة، ولعلّ ليلة الزفاف — تلك المسماة بـ الليلة الأولى — من أكثرها توتراً وغموضاً. يدخلها العروسان وفي صدريهما مزيج غريب من الفرح والوجل، وكأنهما يقفان على عتبة عالمٍ جديدٍ لا يشبه ما قبله. غير أن هذه الليلة، التي يفترض أن تكون بداية الحلم،والحياة الزوجية المرتقبة تتحول أحياناً إلى ساحة قلقٍ يفسد متعتها، ولو جزئيا خصوصاً لدى العرسان الذين يهابون المواجهة الأولى، فيفقدون القدرة على ممارسة العلاقة الزوجية.
ان الخوف في تلك اللحظة لا يولد من فراغ، بل من ثقافة مجتمعية مثقلة بالمفاهيم المغلوطة، ومن توقعاتٍ مبالغٍ فيها تجعل الشاب يشعر أنه أمام امتحان قاسٍ يجب أن ينجح فيه في المحاولة الأولى، وإلا نُظر إليه بعين النقص أو العجز. يضاف إلى ذلك الجهل بطبيعة العلاقة الجنسية، وغياب الحوار الصادق بين الخطيبين قبل الزواج، ما يجعل الموقف مفاجئاً وغامضاً ومشحوناً بالتوتر.
ويزداد الموقف سوءاً حين تتدخل الألسنة الخارجية — من أهلٍ أو أصدقاء — لتزيد النار اشتعالاً بتعليقات أو مطالبات “بإثبات الرجولة”، فتتحول الليلة إلى ضغط نفسي خانق قد ينعكس في صورة ضعف مؤقت في الانتصاب أو تأخر في فضّ البكارة. وهنا لا يكون العجز جسدياً، بل عقلاً مثقلاً بالخوف وقلباً لم يألف الطمأنينة بعد.
إن الوقاية تبدأ قبل الزواج بتثقيف النفس، لا بالبحث في الظنون والقصص، ولكن عبر استشارة الأطباء والمتخصصين، ومعرفة الحقائق العلمية والنفسية عن العلاقة الزوجية. أما في تلك الليلة، فليتذكّر العروسان أن النجاح لا يعني السرعة ولا القوة، بل الرفق، والحوار، والاحتواء. فالعلاقة الزوجية ليست معركة، بل لحظة مودةٍ وسكنٍ ورحمة، تبدأ بنظرةٍ مطمئنة ولمسةٍ صادقة، وتنمو مع الأيام إلى حبٍّ ناضجٍ وودٍّ عميق.
إن أجمل ما في الليلة الأولى ليس ما يحدث جسدياً، بل ما يولد بعدها من ألفةٍ وحنانٍ وثقةٍ تكسر جدار الخوف.
> فلتكن البداية همسَ وطمأنينةٍ لا صرخةَ إثبات… فالحبّ حين يُروى بالرفق، يُثمر أمناً وسعادة تدوم مدى العمر.
 
 
 
 
 
 
 
 
.jpg) 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
.jpg) 
.jpg) 
