كي لا يبقوا في عزلتهم معاناة الأقزام حول العالم
 
الأقزام – أو من يُطلق عليهم في التصنيفات الطبية الأشخاص قصيرو القامة – يمثلون فئة بشرية لها حضورها في كل المجتمعات، إلا أنهم ما زالوا يواجهون أشكالًا متعددة من المعاناة اليومية، بعضها جسدي يرتبط بطبيعة تكوينهم، وبعضها اجتماعي ونفسي ناتج عن الصور النمطية والتمييز الذي يلاحقهم.
كان لي شرف معرفتهم عن قرب بعد كتابتي فكرة لفيلم تناولنا فيه سرد معاناتهم اليومية وكذلك ابراز الكفاءات واصحاب المواهب منهم سواء في عالم الفن او كتابة الشعر او حتي في بعض المهن من خلال عرض قضيتهم معاناتهم ونجاحات بعضهم وتم تصوير الفيلم التسجيلي وهو باسم كي لا يبقوا في عزلتهم والذي عرضته ولا تزال قناة الجزيرة الوثائقية وتم التصوير في بعض الدول كمصر وسورياوالاردن والسودان
واسرد بعضا من معاناتهم في :- 
1. البعد الصحي والطبي
 • أغلب حالات القزامة تعود إلى اضطرابات وراثية أو خلل في الغدة النخامية، مما يجعلهم أكثر عرضة لمشاكل في المفاصل، وآلام الظهر، واضطرابات في التنفس والنوم.
 • فيعانون من صعوبة الحصول على رعاية طبية متخصصة في كثير من البلدان، إذ إن بعض المستشفيات لا تراعي احتياجاتهم الخاصة من حيث الأجهزة أو تصميم غرف العلاج التي تناسب ظروفهم 
 • التكاليف الباهظة للعلاج أو العمليات التصحيحية مثل جراحات العظام، التي قد تساعد على تحسين الحركة أو تقليل الألم.
2. التحديات التعليمية
 في بعض البيئات التعليمية، لا يتم تهيئة الفصول الدراسية أو المقاعد بشكل يتناسب مع طولهم وحركتهم، مما يخلق عوائق أمام التحصيل الدراسي
 • التنمر المستمر من زملاء المدرسة قد يدفع بعض الأطفال قصار القامة إلى الانعزال وفقدان الثقة بالنفس.
3. التمييز في سوق العمل
 • يعاني الكثير منهم من صعوبة الحصول على فرص عمل عادلة بسبب الصور النمطية التي تعتبر القزامة عيبًا أو ضعفًا.
 • في بعض الحالات يتم استغلالهم في أعمال ترفيهية أو عروض مسرحية وسيرك، ما يعزز الفكرة السلبية بأنهم مجرد وسيلة للضحك أو الإبهار.
 • قلة التكيف في أماكن العمل: المكاتب، الماكينات، وأدوات العمل غالبًا ما تُصمم وفق مقاييس لا تراعي احتياجاتهم الجسدية.
4. النظرة الاجتماعية
 • ما زالت المجتمعات – حتى المتقدمة منها – تَصِم الأقزام بنكات وأوصاف ساخرة، وهو ما يترك أثرًا نفسيًا عميقًا.
 • في بعض الثقافات الشعبية القديمة، كان يتم النظر إلى القزامة باعتبارها “لعنة” أو “عيبًا”، وهو إرث ثقيل ينعكس على تعامل الناس حتى اليوم.
 • صعوبة تكوين علاقات عاطفية أو أسرية طبيعية بسبب التمييز أو عدم تقبل بعض الأسر لفكرة الزواج من شخص قصير القامة.
5. المعاناة في الحياة اليومية
 تحديات في المواصلات العامة: مقاعد غير مناسبة، صعوبة استخدام بعض المركبات.
 • مشكلات في الوصول إلى الأدوات أو الرفوف العالية في المنازل والمتاجر.
 • البنية التحتية للمدن لا تراعي غالبًا هذه الفئة، مثل إشارات المرور أو المرافق العامة.
6. الجانب النفسي
 • الإحساس بالاختلاف المستمر يولّد شعورًا بالانعزال عن المجتمع.
 • معدلات أعلى من الاكتئاب والقلق بسبب التنمر والتمييز.
 • الحاجة الدائمة لإثبات الذات أضعاف غيرهم، لإقناع المجتمع بقدراتهم.
7. الأقزام في مصر القديمة: احترام ورمزية خاصة
على عكس ما يعيشه الأقزام اليوم من تهميش وتمييز، تكشف النقوش والجداريات المصرية القديمة أن المجتمع الفرعوني كان أكثر إنصافًا وتقديرًا لهم. فقد حظي قصار القامة بمكانة مرموقة، حيث عمل بعضهم في القصور الملكية كخدم مقربين أو مسؤولين عن المجوهرات والحلي الثمينة، نظرًا لما كانوا يُعرفون به من أمانة ودقة.
كما ارتبط وجودهم برموز دينية وفنية مهمة، إذ عُثر على تماثيل صغيرة تمثلهم، ما يدل على أنهم لم يُعاملوا كمجرد “اختلاف جسدي”، بل اعتُبروا جزءًا طبيعيًا من المجتمع، لهم وظائفهم واحترامهم. بعض المصادر الأثرية تشير إلى أن الأقزام في مصر القديمة كانوا مرتبطين بالطقوس المقدسة، ويُعتقد أنهم كانوا يشاركون في الاحتفالات الدينية.
هذا الإرث التاريخي يبرهن أن القبول والاندماج الاجتماعي ليسا أمرين جديدين أو مستحيلين، بل هما قيم عرفتها الإنسانية منذ آلاف السنين، وأن معاناة الأقزام اليوم ليست إلا نتيجة جهل المجتمعات الحديثة وقصورها عن استيعاب التنوع الإنساني
جهود المواجهة والتمكين وذلك :-
 من خلال تأسيس جمعيات ومنظمات حقوقية في دول عدة للدفاع عن حقوق قصار القامة، مثل “الجمعية الأمريكية للأقزام”.وجمعية رعاية الاقزام المصرية وكان لي شرف المشاركة في تأسيسها مع مجموعة متميزة من اصدقائي اصحاب القامات القصيرة والهمم الكبيرة جدا
 • حملات إعلامية تهدف إلى تصحيح الصورة النمطية وإبراز نجاحاتهم في مختلف المجالات: كالرياضة، الفن، الجوانب والنجاحات الأكاديمية.
 • تطور التشريعات في بعض الدول لفرض مبدأ تكافؤ الفرص ومنع التمييز في التوظيف والتعليم.
 • ظهور رموز ملهمة من الأقزام استطاعوا تحقيق نجاحات عالمية، مما عزز الوعي المجتمعي بحقوقهم.
معاناة الأقزام حول العالم ليست قدرًا بيولوجيًا فقط، بل هي نتيجة تراكم الصور النمطية، ضعف الوعي المجتمعي، وقصور التشريعات في بعض الدول. 
ان اصحاب القامات القصيرة هم بشر كاملو الإنسانية، لهم أحلام وقدرات لا تقل عن غيرهم، وما يحتاجونه بالأساس هو مجتمع أكثر تقبّلًا، وبيئة أكثر عدلًا، ونظرة أكثر إنصافًا
رابط الفيلم :-
https://youtu.be/RKFN37WJ1Xc?si=i3snCy1X7jRSnYb-
 
 
 
 
 
 
 
.jpg) 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
.jpg) 
.jpg) 
