عيون جنة الصحراء جزء 1

كتبت ا/ محاسن السنوسي
"ومن المياه حياه" .. سبحانه الذي جعل من الماء كل شيء حي.. تكون الحياة أينما وجد الماء من مصادره المختلفة، أنهار، بحار، ينابيع وعيون تتفجر من باطن الأرض بإذن ربها. عيون مياه يقصدها البشر وتنشأ الحياة في محيطها، ولاسيما إذا كان المناخ معتدلا والشمس ساطعة طوال العام.
قبائل رحل أعيتهم مخاوف الطرق في دروب صحراء مصر الغربية، وما أن اهتدوا إلي ينابيع مياه في إحدي واحات مصر وضعوا رحالهم ، وفي الواحة عيون تفجرت بفعل الطبيعة، وعيون بفعل البشر،وكان للرومان بصمهتم في حفر الأبارالشهيرة، وسبقهم القدماء المصريين وتحديدا الأسرة 26التي حكمت مصرمن الواحات، كما سجلها التاريخ بين سطور نشأة الحياة في الواحات البحرية.
كشف علماء التاريخ والجيولوجيا، أنا الحياة عادت للواحة منذ ثلاثة قرون - بعد انقطاع فترات الجفاف- وأستقرت واستمرت إلي الأن بفضل قبائل مهاجرة جاءت للواحة من كل حدب وصوب، قررت أن تضع أوزارها علي جنبات عيون المياه العذبة، منهم من استقر وأتخذ من الواحة وطنا، ومنهم من كان عابر سبيل باتت عيون الواحة هي زاده وزواده من مياه أعانتهم علي مشقة السفر والترحال.
مرت الأيام والأعوام ولم يصبح ماؤها غورا، واليوم بلغت عيون الواحات البحرية نحو 400 عين من مياه ذات طبيعة خاصة بسبب المكون الجيولوجي للطبقات المختلفة للخزان الجوفي في الصحراء الغربية، صنفها العلماء بأنها مياه كبريتية إضافة إلي احتوائها عناصر أخري مثل الماغنسيوم والكالسيوم. ومن منطلق هذه الحقيقة العلمية لم يقتصر استخدام المياه الكبريتية في الاحتياجات اليومية والزراعة فقط، بل عرف سكان الواحات العلاج والإستشفاء باستخدام المياه الكبريتية قبل أن يصل إلي الواحة المؤسسات الطبية والعلمية في أزمنة سابقة.
نشأة الواحات البحرية:
لم يرد اسم الواحات البحرية فى الوثائق التاريخية حتى عصر الدولة الوسطى حيث كانت مجرد منطقة تجمع بشرى يضم مجموعة من مهاجرى وادى النيل الى جانب مجموعة اخرى من بدو الصحراء الذين ينتمون الى بعض القبائل الليبية، فقدكان تدفق مياه الآبار والعيون الجوفية وما ترتب عليه من مناخ للمرعى والارتباع جاذبا طبيعيا لهذا التجمع القادم من الشرق و الغرب. فمنذ بداية الاسرة 26 اخذت الواحات البحرية مكانها فى التاريخ حيث حكمت مصر من الواحات البحرية.
وفى العصر الرومانى ، وهو عصر ازدهار الواحات المصرية حيث شهد هذا العصر تطورا كبيرا فى مجال اساليب وآليات حفر الابار الجوفية وكذلك تطهير العيون القديمة ( الفرعونية ) وقد اطلق على الواحات آنذاك انها ( سلة غلال روما )، مرورا بالعصر البطلمى هناك معبد للاسكندر الاكبر فى درب التبانة بالواحات البحرية
وفى العصر الاسلامى لم تشهد الواحات البحرية احداثا تذكر سوى قدوم قادة الحركة السنوسية فى اوخرالقرن التاسع عشر كحركة سياسية فى اطار دينى معلنة قدومها لتحرير مصر من الاحتلال الانجليزى
إلا أن الحفائر الأثرية كشفت عن أن المنطقة كانت مأهولة بالسكان في منتصف عصر الهولوسين الجيولوجى، وأن أهل الواحات البحرية عاشوا بالقرب من البحيرات التي كونها المطر.
يكفى أن نعرف أن ظهور الإنسان لأول مرة فى مصر، كان فى هذه الواحات الخمس بالصحراء الغربية تحديدا فى زمن العصر المطير الثانى بنحو 120 ألف سنة، وقد كانت نهايته منذ نحو عشرة آلاف سنة مضت حين بدأ عصر الجفاف والتصحر غرب مصر.
الموقع الجغرافي:
هي إحدى واحات الصحراء الغربية في مصر، تتبع محافظة الجيزة إداريا, تقع على بعد 365 كيلومتر إلى الجنوب الغربي من الجيزة, تقع "البحرية" بين خطي عرض 27 ْ 48 َ و 28 ْ 30 َ شمالاً , وخطي طول 28 ْ 32 َ و 29 ْ 10 َ شرقاً, تقع على منخفض مساحته أكبر من 2000 متر مربع. تتكون من 6 قري هي القصر ومنديشة والزبو والقبالة والحاره وعزبة العجوز وعزبة الحيز، عاصمتها مدينة البويطي.
أهمية العيون الكبريتية بالواحات البحرية:
تنتشر عين للمياه المعدنية والكبريتية في كل قري الواحات والتي يبلغ عددها نحو 400 عين بدرجات حرارة مختلفة، واثبتت البحوث التى أجرتها الجامعات المصرية والمراكز القومية للبحوث والمراكز العلمية الأجنبية قيمتها العلاجية فى أمراض الروماتيزم والروماتويد والأمراض الجلدية ، مما يؤهلها لأن تصبح من أهم المنتجعات العلاجية فى العالم لتميزها بالمناخ الجاف المعتدل والشمس الساطعة طوال العام.
والواحات البحرية ذائعة الصيت لدى سائحى وسط وغرب وشمال أوروبا الذين يقصدونها للإستشفاء، وتتميز العيون الجوفية بدرجات حرارة ما بين دافئة وباردة تتراوح درجة حراراته مابين 35 درجة- 70 درجة ،وكل عين من العيون الجوفية لها درجة حرارة مختلفة عن غيرها، كما أن منها ما يخُرج مياه باردة ودافئة من نفس العين مثل عين "البشمو"