السلطانة صفية أفعى الحرملك

خنقت 18 أمير في ليلة واحدة
في ليلة 19 كانون الثاني 1595.. في إسطنبول كان السلطان العثماني مراد الثالث يلفظ أنفاسه وحيدًا فوق فراشه، بينما يتسلل 18 من عبيد القصر إلى غرف أبنائه الذكور الـ18، ويقتل كل واحد منهم أميرًا عن طريق الخنق بوتر ناعم .
وبينما هذا كله يدور، كانت السلطانة صفية تحتسي القهوة في هدوء داخل جناحها الخاص. عيونها ثعبانية ثابتة، ووجهها متخشب القسمات لا روح فيه. دخل كبير الخصيان غضنفر أغا عليها وأخبرها بمقتل جميع الأمراء، فابتسمت كشيطان ثم أمرته بوضعهم في نعوش وإخراجهم للدفن في الصباح مع أبيهم السلطان.
هنا كانت لحظة النصر الكبرى في حياة صفية، لحظة كان لها ما قبلها وما بعدها، لحظة جعلتها في النهاية واحدة من أكابر السلطانات في عصر سلطنة الحريم ، ذلك العصر الذي أدارت فيه السلطنة العثمانية مجموعة من الجواري حجبن بمكائدهن ودسائسهن السلاطين من آل عثمان، وتركوا لهم اسم الملك دون معناه.
تختلف المصادر حول أصل السلطانة صفية، إذ يردها البعض إلى أصل بندقي نبيل يكون فيها اسمها الأصلي هو صوفيا بيلوجي بافو، ابنة كوفو يوناردو حاكم البندقية، بينما يجعلها البعض الآخر من أصل ألباني ولدت في مرتفعات دوكاجين ، وأيًا ما كان الصواب من بين الرأيين، فإن صفية في عام 1563 بيعت وهي في الثالثة عشرة من عمرها كسبية داخل سوق الرقيق بإسطنبول، واشترتها السلطانة هوما شاه ابنة الأمير محمد بن سليمان القانوني وأهدتها إلى ولي العهد الأمير مراد ابن السلطان سليم الثاني.
سريعا، ملكت صفية قلب مراد حتى منعته من اتخاذ محظيات غيرها في فراشه. وفي 26 مايو 1566، أنجبت له أول أبنائه وخليفته المستقبلي الأمير محمد خان كولي. ولأنها وفدت على إسطنبول في السنوات الذهبية لعصر الحريم الذي خلت فيه السلطنة العثمانية من رجال أشداء، فإنها أبدت طموحات كبيرة لأن تحتل نفس المكانة التي تمتعت بها سابقاتها من المحظيات في البلاط العثماني، من خرم محظية سليمان القانوني، إلى نوربانو محظية سليم الثاني. وكان هذا الطموح العالي هو ما أقحمها في الصدام الكبير مع تلك الأخيرة.
كانت نوربانو منذ وفاة السلطان سليمان القانوني هي المتحكمة على الحقيقة في شؤون السلطنة العثمانية، سواء في عهد زوجها سليم الثاني، أو عهد ابنها مراد الثالث، وذلك بفضل تحالف أقامته مع الصدر الأعظم صوكولو محمد باشا، وكبير الخصيان
