السياحة الصحية .. الحصان الأسود لقطاع السياحة والسفر.

دكتور اسعد رياض
مدير شركة ايجيبت ان تاتشاسيستانس
الممثل الاقليمى وعضو المجلس الاستشارى لشركة تيموس العالمية لاعتماد الجودة الطبية.
لطالما ظل الترحال طلبا للعلاج او الاستشفاء واحدا من اقدم الأسباب التي عرفها التاريخ للسفر ، لم يتأثر يوما الا بالقدر القليل بالتفاوت الاقتصادي او الظروف السياسية او الاجتماعية المتباينة ، فالصحة والعافية هي جل ما يطلبه المرء ويقدمه على باقي احتياجاته مهما عظمت.
وبالقدر الذي عُرفت به مصر القديمة كواحدة من اهم الدول التي برعت في العديد من أساليب العلاج واكتشاف العقاقير الناجعة لتخفيف الادواء وشفاء الامراض المستعصية بالقدر الذى جعلها قِبلة لسكان العالم القديم طلبا للراحة مما الم بهم من اوبئة واعتلالات.
قديبدو من ظاهرالأمور وكأن المعايير اختلفت في زماننا الحاضر ، الا ان الدراسات اثبتت بما لا يدع مجالا للشك ان السياحة الصحية مازالت تتربع على قمة أنواع السياحة المتخصصة العديدة ، حيث تنفق الشعوب مليارات الدولارات سنويا - اكثر من مائة مليار دولار بحسب دراسة أجرتها اوكسفورد ايكونوميكس عام 2019 - سفرا للعلاج والاستشفاء ، وهو ما دفع العديد من الدول في المنطقة القريبة ان تسن التشريعات وتزيل العقبات في سبيل دفع هذه الصناعة بقوة على طريق النجاح حيث تمثل الآن ركيزة من الركائز الأساسية في دعم اقتصاد هذه الدول بعد ان كان القطاع الصحي زمانا طويلا عائلا على باقي القطاعات الإنتاجية باعتباره مجالا فقط لتقديم الخدمات للأفراد دون النظر الى الربحية او التطوير اللائق به.
وكما هو معروف فان المرضي لايسافرون فقط بداعي توافر العلاج لكن لأسباب متعددة منها الكلفة المناسبة لميزانيتهم المحدودة او قوائم الانتظار غير المقبولة . المملكة المتحدة مثلا أعلنت انها تعانى من قائمة انتظار تتجاوز الثمانية وثلاثين مليونا من المرضى !! هذا منذ عدة أعوام وقبل ظهور ازمة كورونا !!
وبإمعان النظر فيما حبا الله به مصر من العديد من الهبات التي تمنحها فرصة نادرة الآن لأن تتبوأ المكان والمكانة اللائقة بها خاصة في تلك الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم - حيث ظهر جليا هشاشة الأنظمة الصحية التي ظلت لفترات طويلة مدعاة لفخر مواطنيها - نجدها تندر ان تتواجد في مكان واحد سوياً ، بدءاً من الموقع الجغرافي القريب لكافة خطوط السفر والطقس المعتدل طوال العام مقارنة بالعديد من الدول والعديد من امكان الاستشفاء المجهولة او المهملة من جهة الخدمات المقدمة ، بالإضافة الى التنوع والتقدم الطبي على مستوى الأطباء والعاملين بما تشهد له كفاءتهم أينما وجدوا داخل مصر او خارجها بالإضافة الى كون مصر مقصد سياحي معروف يمتلك البنية الأساسية الواعدة والتنوع السياحي الثري الذى يرضى الجميع بالإضافة الى الأسعار المنافسة على كافة الأصعدة والأسواق المنافسة.
وبالنظر الى الصعوبات الجمة التي يعانى منها قطاعي السفر والسياحة في الوقت الحالي ، والتي لا ينتظر التعافي منها بشكل كامل قريبا نظرا للتداعيات الاقتصادية وغيرها تقدم السياحة الصحية نفسها كبديل اكثر ثباتا مقارنة بالانواع المتعددة الأخرى للسياحة. فسائح هذا المجال يمكث لفترات أطول وغالبا لايأتي بمفرده بل يصطحب معه بعض افراد اسرته او أصدقائه للعناية به وهو اكثر انفاقا من غيره من السائحين التقليديين.
كل مانحتاجه بعض التكاتف من جميع المعنيين بهذا القطاع الذى تتداخل فيه العديد من الاختصاصات والالتفاف حول هدف واحد لتقديم خبرة متميزة للسائح الذى يقصد مصر طلبا للعافية حتى تسترد هذه الصناعة عافيتها.