الوفاء بالوعد
.jpg)
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ )
نزلت هذه الاية في بعض المنافقين , قال قتادة ، والضحاك : نزلت توبيخا لقوم كانوا يقولون : قتلنا ، ضربنا ، طعنا ، وفعلنا " . ولم يكونوا فعلوا ذلك . وقال ابن يزيد : نزلت في قوم من المنافقين ، كانوا يعدون المسلمين النصر ، ولا يفون لهم بذلك
الوفاء بالعهد هو من أعظم الأخلاق التي حث عليها الإسلام، وأمر بها، قال سبحانه: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 34]
والوفاء بالعهد من صفات الصادقين مع الله ومع انفسهم ، ومن خصال الأصفياء، يُحمد عليه صاحبه، ويُذم كل من تخلى عنه بالفطرة البشرية؛ فالإنسان بفطرته يبغض نقض المواثيق، وإخلاف المواعيد، والمسلم أولى الناس بالوفاء؛
والعهود نوعان
فأعظمها وأولاها بالوفاء: الوفاء بالعهد مع الله تعالى؛ قال سبحانه: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [البقرة: 40]
ومن ذلك: ما يوجبه الإنسان على نفسه كما لو نذر نذرًا، فيجب عليه الوفاء بالنذر، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه))؛ رواه البخاري في صحيحه
النوع الثاني من العهود: هي ما تقع بين الناس، كعقود البيع والشراء والنكاح ونحوها، فهذه يجب الوفاء بها، قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾
ومن أوثق العقود بين الناس عقد الزوجية الذي سماه الله تعالى ميثاقًا غليظًا؛ حيث قال سبحانه: ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ فهو ميثاق غليظ يجب الالتزام به والوفاء بما اتفق عليه حسبة لله وعهده وميثاقه لان الاصل في الزواج الديمومة بين طرفي الزواج الذي هو للسكن والمودة والرحمة وعمار الارض بالانجاب ودوام الحياة علي الارض – ذلك لان الزواج مرتبط بالقبول بين الطرفين ومعرفة كليهما للاخر والمفترض بينهما وجود المشاعروالاحاسيس المرتبطة بالروح وارتياح كل منهما للاخر
وحين يتعلق الامر بالروح الحب الروحي والذي هو أقوى وأقوى أنواع الحب، وأندرها وأصعبها فيأسر عقلك وقلبك وجسدك وتفاصيلك كلها ويضعها في إنسان واحد، وهو فخ لمن وقع فيه فلا خلاص منه ولا نهاية ولا إرتواء ولا شبع، وحين يرتبط الطرفان علي هذه القواعد فحين الاختلاف لا قدر الله يكون كسر الخاطر وتدمير المشاعربسبب احدهما اذا حصل الشقاق
الوفاء بالوعد من صفات الأنبياء عليهم السلام:
الوفاء بالعهد من أخلاق الأنبياء الكرام، قال سبحانه عن خليله إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ﴾ وقال سبحانه عن إسماعيل عليه السلام: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾
ونبينا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم الذي بُعث ليتمم مكارم الأخلاق، وكان مثلًا أعلى في كل خلق حسن، وفي الوفاء بالعهد؛ فقد كان يفي بالوعد مع المسلم والكافر، والبر والفاجر، لم يخلف وعده حتى مع اليهود، وحتى كفار قريش الذين آذوه وطاردوه، وصدوا عن دين الله وحاربوا دين الله،
الذين يخلفون وعودهم
ان فضل الوفاء بالعهد كبير وعظيم وفطرة سليمة لدى اصحاء القلوب والعقول والاسوياء، فإن إخلاف الوعد خلق ذميم قبيح مدمر للافراد والجماعات ، ليس من خلق المسلم، وإخلاف الوعد مع الناس قبيح، وإخلافه مع الله تعالى أشد قبحًا،
وللاسف الشديد نجد تساهل كثير من الناس في هذا الزمان بالوعود فيخلفوها، ويتهاونوا بها حتى فُقدت الثقة بين الناس إلا من رحم الله، تجد من يحلف لك الأيمان، ويشهد الله على كلامه، ويعد المواعيد ثم يخلفها بكل برود ولا يبالي؛ فضاعت الحقوق وامتلأت المحاكم بالقضايا، وحصلت الخلافات والتنازع، وتخاصم الإخوة الاشقاء بسبب إخلاف الوعود والنكث بها
ماذا يضيرك اذا كان هناك امر بين شخصين طلب احدهما من الاخر طلبا محددا فالواقع ان الاحتمالات هى ثلاثة فقط ( استطيع باذن الله – لا استطيع – ساحاول جاهدا ) هذه الاحتمالات الثلاثه تعفيك عن الوقوع في الحرج فلا تعد بما لا تستطيع الوفاء به ولا تعلق امال الاخرين علي وعد قطعته وانت غير قادر علي تنفيذه ولماذا يرضى المؤمن أن يتصف بصفات أهل النفاق؟
نسال الله ان يجعلنا من الذين يقولون فيفعلون ويعدون ويفون